جنوحًا لرسمٍ قد تخطَّى رصيدُهُ
الشاعر محمد ابراهيم الحريري
جنوحًا لرسمٍ قد تخطَّى رصيدُهُ=طلولا، أمِ الأشواقُ وهْجًا تَزيدُهُ ؟
وللشَّوقِ في عُرفِ المُحبِّينَ مُلتَقى=إليهِ تشُدُّ العارفينَ وعُودُهُ
وكلُّ احتمالٍ قابلٌ أَنْ يَرى بِهِ =خليلًا، على أحلى انتظارٍ، مُريدُهُ
و مَنْ حالُهُ مِثْلِي يُبرَّأْ حَبيبُه =من الشَّكِّ في شكواهُ حين يعودُهُ
*****
رصيدي من الأشواقِِ قلبٌ، وسهمُهُ=إذا اجَّاوزَ المحظورَ يعلو صعودُهُ
ومَنْ في زِحامِ السُّهدِ يَعتِقْ خيالَهُ=تُعِدْهُ إلى ما تشتهيه قيودُهُ
وهل يجهلُ النيرانَ ماءٌ بجوفِهِ=براكينُ صبرٍ حين يَغلي رُكودُهُ ؟
فللجودِ أبوابٌ يقوم بفتحِها=على الكونِ إنسانٌ يداهُ رصيدُهُ
ويمشي على استحياءِ يُسرَاهمَا النَّدى=وفي الظِّلًّ يُمْنَاهُ لها ما تُريدُهُ
ومَنْ ذا الَّذي من ليلِهِ النَّومُ عائدٌ=إلى صحوةٍ، فيها تجلَّى سُجودُهُ؟
*******
مطايا شعوري أَفلَتَتْ مِنْ عِقَالها=وعادتْ إلى ماضٍ قريبٌ بعيدُهُ
بظلِّ النَّدى المكِّيًّ نرتاحُ بعدما=تحدَّى مخاضاتِ الصَّحارى صُمودُهُ
وما جئتُ أستجدي العطايا، ولا يدي=ترَّبت على تشويِهِ ما لا تُجيدُهُ
و ما كنتُ في هذا المدى غَيْرَ محرم=
لمسعى، تجلّتْ في طريقي نجودُهُ
وقد طافَ شعري بين جَدٍّ ومنزلٍ=به شبَّ عن طوقِ المزايا وحيدُهُ
فليستْ لدى وقتي المحاصرِِ مهلةٌ= وشوقي من الميقاتِ فاضتْ حشودُهُ
******
إذا ما أتمَّ الفجرُ هالاتِ حُسنِهِ=فماذا عن الآياتِ وصفًا أزيدُهُ؟
بدربي أرى ظبيًا على بُعْدِ مطلعٍ=مِنَ
الشِّعْرِ ، يُغْري بالقلائدِ جِيدُهُ
فلا هوَ عن تسريحِ عينيهِ غائبٌ=ولا أشهدتْ مَنْ أجفل الحلمَ غِيدُهُ
وظنُّوا خيالي غَيْرَ مُجِدٍ بوصفِهِ=لِمَنْ لا يُثِيْرُ الانتباهَ شرودُهُ
أغثني بِقلبٍ، يا إلهي، بنبضِهِ=يضحِّي إذا أمسى جريحا وريدُهُ
ببالي ذنوبٌ مثلُ كعبٍ، وغيرُها=كثيرٌ،
فماذا عَنْهُ يدري قصيدُهُ؟
ومن معجزاتِ العَفْوِ أَنْ يصفحَ الَّذي=له الثَّأْرُ، عَمَّنْ بالمنافي شريدُهُ
إليكَ رَسُوْلَ اللهِ دربِي مُعبَّدٌ=بآثارِ مَنْ قَبْلِي أتى يَسْتَعِيدُهُ